تغريد سعدي ..لو كان السجن رجلا ..لقتلته
يا دامي العينين والكفين ان الليل زائل... لا غرفه التوقيف باقيه ولا زرد السلاسل..

امي...وسنواتها العجاف

التسميات:
عزف الالم على وتر الجراح... لحنا اليما ...عاريا من الصمت ...
لامس الجسد ,مزق بعضا من ليله ... اعزوفه الذكريات ارقت مقله عمري
لم يعد في القلب متسع للمزيد من اختزان الحكايات المالحه ...الجرح ليس بطريا ولكن لحم ذاكرتي قد تورم وشفائي ان قدسيه القصص العابره من مسامات جلدي ...ستطهر الجراح او عالاقل هكذا ارسم لنفسي عل الرسم تبعث فيه روح التحقيق...
استكانت الذاكره حين جالت فيها خيول المقاييس ...مقاييس الجراح وعمق صرخه الالم... ما اصغر همي امام عملقه همومها وما اقزم صرختي امام مدفع صمتها... ايكون الالم على مقاس التحمل ؟ ام بيد القدر توزع بطاقات الهموم كما يوزع احدهم بطاقات عيد الميلاد ليدعو الاحب على قلبه ليشاركه مقطع لحظي من فرحته...
ايعشقني الحزن ؟ وماذا افعل بحبيب غاب مع صوت السلاسل ورحل بموعد اقلاع القيود بمعاصمي ؟
ايهواني الالم ؟ وحين يقع الالم صريع حبي ايهديني سكينا ليغرزه بخاصره شبابي؟ ام يفرش الارض لي بساتين غربه اضيع في ظلامها واختبا بنفسي من سؤال نفسي ؟
ثمه اصابع ظلم تخط لي دعوات فراق ....ثمه عدو تربص لريعان عمري وفجر حقده الاسود على جبين امي ...ما عدت افقه عدد تجاعيد خديها من تراكم الاسى المحفور اسفل عيناها اللتين فاضتا حزنا واغرقتا زنزانتي دمعا مالحا ... يكوي الحنين يرطب الليل الخشن ... يطري رجفه اليدين
انه ذاك الدمع المقدس ... دمع لو سكب على وجهي لسطع منه ما ينافس الشمس وحرارتها ... ولو خالط البحر لعدل بعذوبته تلوث البحور ..
دمع وما اجفاني حين اعجز عن وصفه ... ااستاجر لغه غريبه عني وانظم منها المعاني ام اختبا خجلا من التفاسير ... ذاك هو الذي لم تراه يوما بعيون امك لكني رايته ومزقتني رؤياه ...رايته يسيل بسخاء جارف وهي تختنق بالكلمه وتصهرها الحسره ...رايتها حين كانت بالدموع تخاطبني ويداها ممتدتان تمسكان الشبك الحاجز بيني وبينها في اول زياره سمحت لي بعد مرور اربعه اشهر على الاعتقال ... يداها في قوه تعادل جيشا جبارا يحارب من اجل حقه في ارضه ولها حق الحق باحتضاني ولكن ليس هنا ليس بمكان الغرباء ولا عند خبراء اللعنه وعديمي الانسانيه ...
بعض من اطراف اصابعها اختلست الشبك اللعين بعض من رائحه جسدها اخترق الحواجز وكسر كل القوانين ...اتاني لاستنشقه وانقي رئتاي من لوث الزنازين ...بعض من بركات اصابعها لامست شفتاي حين اقتربت لاقبل ما لامسته الجراح والبعض الاخر بقى خارج حدود قبلتي ...
هل منعوك يوما من تقبيل اطراف انامل امك ؟ وهل صادروا منك عبير امومتها وداسوا بارجلهم اثار دمعها المتساقط على الارض؟ هل رايت عالم جديد يخرج من بريق عينيها يوزع شوقا على كل المساكين ؟
هل قالوا لامك انتهى وقت اللقاء؟ عودي الى حزنك الليلي حتى نقرع ثانيه جرس الجراح؟
هي امي بصبرها الايوبي الذي اذاب نساء العصر الجديد ...هي امي ارضعتني حليب عزتها ولفت طفولتي بقماش كرامتها ...
تلهت خطواتها سنين وسنين وهي تتنقل بين المعتقلات لتلقي على نظره السيف الذي كاد يفقدها بريق عينيها...سنين وخطوات اقدامها على مسمعي كانها تدوس قلبي بوقوفعا الطويل بطوابير الامهات المنتظرات دورهن في التفتيش ...كي يسمح الغاصب لهن بالدخول لالقاء تحيه الالم على نبض الجراح ... فهل خلعوا يوما ملابس امك واجبروها على الوقوف عاريه قلب ان تراك؟
هل عروها من ملابسها بحثا عن قنابل موقوته ؟ وصادروا منها حبات الهيل كي لا تنبعث بزنزانتك عبق قهوتها؟
وهل فتشوا امك بحثا عن مصادر حنانها ؟ وسلبوا منها ساعتها كي لا تدرك باي دقيقه سيكتب عمر اللقاء ؟
اه يا امي اه من اعماق الاعماق وتمزقني الاه بعد طول فراق ...كنت تاتين الي ..ترتدين ابتساماتك التي كنت بارعه في كشف حقيقتها ولكني ايضا تعلمت منك تصنع الابتسامه ...قلت لي يوما حتى لو قهرنا الاعداء لن نريهم قهرنا ولن نشعرهم بلذه التمتع بعذابنا ...وضحكت كثيرا وكان بكاء قلبك اسرع دويا من أي شي اخر ..
من اين انتزعت كل هذا الصبر ... كنت اتسائل في بعض ايام صمتي من اين اتت بكل هذا الصبر وكيف تحملت صدمه اعتقال ابنتيها منذ البدء وقد خلت عليها الدنيا من ابنتيها وابقت لها صغيرتها ليتوحد بكاءهما سويا.
سنوات عجاف ضربت حقول عاطفتها وحجبث الغيث عن سنابلها وما كان قلبي قادرا على النظر اليها بقاعه المحكمه يوم نطق قضاه الظلم بالحكم...
رسمت لي مسبقا توقعات سيئه عند سماعها أي عدد سنين قد يغيبها عن الصواب ويطرحها ارضا .... وتوقعت لها سيناريوهات عديده لا اشاء ذكرها ... لكنها امي ...التي فاجات الجميع وفاجاتني ...اه عليك يا فلسطينيه الفعل ورد الفعل واه على امي التي كم افتخرت بكوني انتمي اليها ...
وكم رفعت جبيني حتى شعرت انه لامس السماء بكبريائي بها ... كنت اغمض عيناي وارتل بعض الايات كي تحجب الظالمين عني ... وتحديدا عندما سالت الله " اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلا وانت تجعل الحزن اذا شئت سهلا " كفر قاضي الظلم بست سنوات عجاف واذ بصوت امي يخترق قلبي ويكسر صمت القاعه غردت كعصفور ارقته الاقفاص ( ارفعي راسك عاليا يا ابنتي فانت رفعت اسم البلد وفعلت ما لم تفعله الرجال) ... يا لسرعه فعاليه كلماتها وكانها وخزتني بابره مهدا سكن القلب ورست الروح ... رفعت راسي واذ بتلك الحنونه التي تضع يدها على كتف ابي قد انتصرت وافلس عدوها امام رده فعلها ....
تلك الفلسطينيه التي لم تخرج عن خارطه نساء فلسطين تلك التي تنتمي لا محمد فرحات ترى ابنتيها والسياج والجدران والشبك يحيط بهما وتابى الانكسار ...اذا هي امي هي امي رغم الصراخ... رغم السلاسل بالقيود والارجل ... ورغم منعها من تقبيلي بعد الحكم ...رغم فشل احلامها بان تهديني حريتها وتاخذ مكاني ... ورغم كل الرغم هي امي التي مر عليها اثنا عشر عيد من بين اعياد المسلمين وما لامست شفتاها خداي ولا مسحت بكفها راسي ... اثنا عشر عيد دخلت لغرفتي تبحث عم بقايا امومتها فاجابها سريري فارغا من جسدي ... ونادت بصوتها الحنون فرد عليها صدى غيابي وما ياست حين اخذت تبحث عن أي موجات قد تصل الي عبرها وتسمعني صوتها لتبعث في الحياه عبر كلماتها النورانيه ودفئ معانيها التي كانت تصلني بمحاذاه الاعياد وان لم التقي يوما بعيد ولا برائحته المعتاده..
هل فتحت يوما المذياع واذ بصوت امك يقول ( اقول لابنتي كل عام وانت بالف خير وان كانت تسمعني اهديها اغنيه فيروز سلملي عليه) ؟؟؟
كانت لغز يصعب حله ... وكلمه بدون مرادف ... وحيده اللغه لكنها ذات مقدره على جعلي اهرب كل ليله اليها بروحي بحواسي وحتى بلغ بي الحد ان اصطحب معي صديقتي" احلام " وتهرب بالاحاديث الى عالم لا جدران فيه ولا سلاسل ولا تفتيش ..كنت اعود للماضي برواياتي دون ان يكشفني وجه الصباح ..للصباح الم اخر لم اجرؤ على السهر مع المين معا ..لربما حرصا مني على مشاعر الحاضر ... فان تواجه الحاضر بالماضي بحضره شاهدان ..ذلك يعني ان تقف على نافذتك المغلقه التي لا تطل الا على قطعه حديد وتبدا بالحديث مع من تحب وكانه يسمعك وتساله ان كان يسمعك....فيجيبك نعم ...وتقتنع انه اجابك...ويااااااا لمراره هذا الشعور..
نعم ---- سمعتها يوما تناديني ..منت على مرمى الصحوه وسمعتها فنفضت غبار القلق عن وجهي ونهضت ..لكنه صوتها اعرفه من بين حناجر كل الامهات ...ماذا حل بها ..اهي بخير ..جبال اسئله تنهار على اصغر بقعه في صمتي (يجوز لي ان امسح دمعتي التي سقطت بهذه اللحظه وانا اوصف ذاك اليوم ....................).
كانت كل الوسائل التي باستطاعتها ان توصلني بالحياه وتجعلني اقل قلقا عليها ..كانت جميعها بحوزه السجان وحتى احصل على واحده منها متل مكالمه تلفونيه على سبيل المثال كان لا بد ان اقدم مقابلها شيئ ... قانون اسرائيلي لا نقاش فيه ...لا شيئ دون مقابل وقبل تطلب ..فكر ماذا ستعطيهم
... كيف اجرؤ على التفكير بانني استطيع الاطمئنان عليها وانا التي لم اقف صامته يوما ازاء كل ما اقترفوه على صدر وطني ....ااقف اليوم استجدي صوتها عبر اسلاك العماله ... اابيع ضميري امام قلقي عليها واقول عذرا يا وطن لم يكن لك ام لتشعر بما اشعر ...
لم تشرق شمسي في تلك الفتره الطويله ولم ينهض قمري من موته المؤقت حتى اشغلت نفسي بالكتابه اليها رسمت لها قصيده لا افق لها تمتد من اقصى لهيب انفاسي حتى اخر دمعه جفت على وسادتي حين دخل ابي للمره الاول لزياره ... دون ان تركض قبله هي ... وقبل ان يتركني القي على جبينه السؤال ..( لا تخاف ياابنتي ... عمليه صغيره اجرتها امك واضطرت للمبيت في المستشفى ) ... سقط القلب صريع خيالها الذي لم يغب عن الحضور ... مسكت الشباك باظافري وكنت اتمنى ان امزق كل ما يحجزني عنه تمنيت اني طوفان متحرك يصهر كل ما هو ازرق حولي كل ما هو من غيري وليس مني اخرجت عبر اظافري التي غرزت بالشبك صرختي المخنوقه وابيت ان يلحظ سجاني أي رده فعل تشعره ان امي لم تات ... ان امي قد غابت اليوم عن استفزازه ... لكنها ستعود
اعوام مضت ومع كل زياره لها كانت تحصي ما تبقى على عمر لقاءنا الموعود .... فصارت تحصي نبضات قلبها وبضع اللهفات كلما سمعت تاريخ موعد الاحضان ... لم تستطع صنع نوع حلوى واحد لتوزعه على الحضور ... فراحت تصنعه باشكال دموعها قطع الحلو من قبل اسابيع من انطلاقي اليها ... واشترت لي ثوبا زهري اللون ارتديه في ربيع لقاءنا واحضرت لاستقبالي باقه من صبرها الوردي وايه الكرسي على قطعه ذهب لتحيط بها عنقي .... واحضرت زجاجه عطرا بحقيبتها ...لتطرد عني رائحه الرطوبه وقهر العتمه... وفي حنجرتها جهزت طلقات زغاريدها الرنانه التي ابت الا ان تسمعها للسجان عند فتح بوابه السجن ...
قالت امام الجميع سازغرد حتى يعلمو اننا نحن المنتصرون ...
وقرعت اجراس العوده .... واطلق الله اجنحتي من جديد لكني اعجز عن وصف اللحظه الاولى للقاء... لاني اخاف ان لا اعطيها حقها بالوصف ... فرتايت ان اضع لكم صورتها فهي ستنطق بالف كلمه والفين معنى ...
لا تسالوها ...فهي ستجيب عن كل ما تجول به الانفس من اسئله ..
لا تخفوا دموعكم ...فامام الامهات عار ان نخفي ضعفنا ...عار ان لا تختلط الدموع بالدموع....
والصوره اصدق مني ... واصدق من رجفه اناملي الحاليه... وعدت ..عدت اليها...
4 التعليقات:

التقسيم الى فقرات
التلوين
الصور
يا
تغريد


أحن لخبز امي وقهوه أمي ولمسه أمي
وتكبر فيا الطفوله يوما على صدر أمي
واعشاق عمري لانني اذا ما مت أخجل من دمع أمي
واعشق عمري لانني اذا ما مت أخجل من دمع أمي
من دمع أمي





أتمنى أن أرى هذه المدونه مفعله باستمرار

حيث التعليقات .. من ايام قريبه

والحمد لله ..




اسير الغربهـ


عبد السلام صالح

ثمة ما هو أعلى من الروح، ثمة ما هو أغلى.. قرأت كثير من النصوص بلغةٍ عاليه .. هنا أعلى .. ثمة مزج سحري فذ ومدهش بين الخاص والعام .. كثير من الرفعة والألق .. وكثير من شرف الروح .. كثير من المعنى حصلت عليه روحي بعد قرائة هذا النص .. كثيرين مثلي ممن تشظت أرواحهم في التيه الانساني بحاجةٍ لهذه الكتابة كي يستمر فلبهم بالخفقان .. داعبت كلماتك شغاف القلب .. أنت البوصلة .. لكل من تاه في بحثه عن الحقيقة.. كتابة إبداعيه حقيقيه أتمنى لو كانت أطول كثيراً، وأن تتحول لنص روائي


إرسال تعليق

حرّر قلمك و اكتب هنا ما يكتبه القابعون خلف الشمس بدمهم , الا قليلا

Related Posts Widget for Blogs by LinkWithin

من انا؟

فتاه تجاوز عمرها حد الاسر ...فاشعل باضلعها عمرا اخر كي تروي قصه جرح عميق اسمه ...اسيرات فلسطين

صوره الواقع

صوره الواقع
من الاسر الى القهر

اخر المحررين